صورة موضوعية
صورة موضوعية


الأمم المتحدة: وفاة امرأة كل دقيقتين بسبب الحمل أو الولادة

فاطمة بدوي

الأحد، 26 فبراير 2023 - 03:32 م

تموت امرأة كل دقيقتين أثناء الحمل أو الولادة، وفقاً لأحدث التقديرات الصادرة في تقرير لوكالات الأمم المتحدة، ويكشف هذا التقرير المعنون "اتجاهات وفيات الأمومة"، عن وجود تراجع مقلق في صحة النساء خلال السنوات الأخيرة، حيث زادت وفيات الأمومة أو ظلت على حالها في جميع مناطق العالم تقريبًا.

وأشار الدكتور تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، قائلاً: "على الرغم من أن الحمل يجب أن يكون وقتًا مليئًا بالأمل وتجربة إيجابية لجميع النساء، فإنه لا يزال تجربة خطيرة بشكل صادم ومأساوي لملايين النساء حول العالم اللاتي لا يستطعن الحصول على رعاية صحية عالية الجودة ولائقة. وتكشف هذه الإحصاءات الجديدة عن الحاجة الملحة لضمان حصول كل امرأة وفتاة على الخدمات الصحية الأساسية قبل الولادة وأثناءها وبعدها، وأن بإمكانهن ممارسة حقوقهن الإنجابية بالكامل."

ويُظهر التقرير، الذي يتتبع وفيات الأمومة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي من عام 2000 حتى عام 2020، وقوع ما يقدر بـ 287,000 حالة وفاة مرتبطة بالحمل أو الولادة في جميع أنحاء العالم في عام 2020، وهو ما يشكل انخفاضًا طفيفًا فقط من 309,000 حالة وفاة في عام 2016، حين بدأ تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. وعلى الرغم من أن التقرير يؤكد إحراز قدر من التقدم الملحوظ في الحد من وفيات الأمومة بين عامي 2000 و2015، فإن المكاسب تعثرت إلى حد كبير، أو حتى تراجعت في بعض الحالات، بعد عام 2015.

وقد ارتفع معدل وفيات الأمومة بين عامي 2016 و2020 في اثنين من أقاليم الأمم المتحدة الثمانية – هما إقليم أوروبا وأمريكا الشمالية وإقليم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي – بنسبة 17٪ و15٪ على التوالي، في حين ظل المعدل مستقراً في الأماكن الأخرى. ومع ذلك يشير التقرير إلى إمكانية إحراز تقدم. فعلى سبيل المثال، شهد إقليمان – إقليم أستراليا ونيوزيلندا وإقليم وسط وجنوب آسيا – انخفاضًا كبيرًا (بنسبة 35٪ و16٪ على التوالي) في معدلات وفيات الأمومة خلال الفترة نفسها، كما حدث في 31 دولة على مستوى العالم.

وصرحت المديرة التنفيذية لليونيسف السيدة كاثرين راسل قائلة: "بالنسبة لملايين الأسر، فإن معجزة الولادة تشوبها مأساة الوفيات المرتبطة بها. ولا يجب أن تخاف أي أم على حياتها أثناء إنجاب طفلها إلى العالم، خاصةً عندما تتوفر المعرفة والأدوات اللازمة لعلاج المضاعفات الشائعة. إن المساواة في الرعاية الصحية تمنح كل أم، بغض النظر عن هويتها أو مكان وجودها، فرصة عادلة في ولادة آمنة ومستقبل صحي مع أسرتها."

وبالنظر إلى الأعداد الإجمالية، فإن وفيات الأمومة ما زالت تتركز بدرجة كبيرة في الأجزاء الأفقر من العالم وفي البلدان المتأثرة بالنزاعات، حيث وقع في عام 2020 حوالي 70٪ من إجمالي وفيات الأمومة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي تسعة بلدان تواجه أزمات إنسانية حادة، كانت معدلات وفيات الأمومة أكثر من ضعف المتوسط العالمي (551 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية، مقارنةً بـ 223 على مستوى العالم).

وأوضح السيد خوان بابلو أوريبي، المدير العالمي للصحة والتغذية والسكان بالبنك الدولي، ومدير مرفق التمويل العالمي، قائلاً: "يقدم هذا التقرير تذكيرًا صارخًا جديداً بالحاجة الملحة لمضاعفة التزامنا تجاه صحة النساء والمراهقات. ومن خلال العمل الفوري والمزيد من الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية الأولية ووجود أنظمة صحية أقوى وأكثر مرونة، يمكننا إنقاذ الأرواح وتحسين الصحة والرفاه ودفع حقوق وفرص النساء والمراهقات قُدُما."

ويعتبر النزيف الحاد وارتفاع ضغط الدم والعدوى المرتبطة بالحمل ومضاعفات الإجهاض غير الآمن والحالات الأساسية التي يمكن أن تتفاقم بسبب الحمل (مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والملاريا) من الأسباب الرئيسية للوفيات المتعلقة بالحمل أو الولادة. وكل هذه الأمور يمكن الوقاية منها وعلاجها بدرجة كبيرة من خلال الوصول إلى رعاية صحية عالية الجودة ومناسبة.

ويمكن للرعاية الصحية الأولية التي تركز على المجتمعات المحلية أن تلبي احتياجات النساء والأطفال والمراهقين وتمكن من الوصول العادل إلى الخدمات الضرورية مثل الولادات المدعومة والرعاية قبل وبعد الولادة، وتطعيمات الطفولة، والتغذية وتنظيم الأسرة. ومع ذلك، فإن نقص التمويل المتوفر لأنظمة الرعاية الصحية الأولية ونقص العاملين المدربين في مجال الرعاية الصحية وضعف سلاسل التوريد للمستلزمات الطبية، كلها عوامل تهدد إحراز التقدم.

وهناك ما يقرب من ثلث النساء لا يخضعن على الأقل لأربعة فحوصات سابقة للولادة من أصل ثمانية موصى بها أو يتلقين الرعاية الأساسية بعد الولادة، بينما تفتقر حوالي 270 مليون امرأة إلى وسائل تنظيم الأسرة الحديثة. ويعد التحكم في صحتهن الإنجابية – لا سيما القرارات الخاصة برغبتهن في الإنجاب ومتى ينجبن – أمراً بالغ الأهمية لضمان قدرة النساء على تخطيط الإنجاب والمباعدة بين الولادات وحماية صحتهن. وتزيد أوجه عدم المساواة المتعلقة بالدخل أو التعليم أو العرق أو الانتماء الإثني من المخاطر التي تتعرض لها النساء الحوامل المهمشات، اللائي لا يحصلن إلا على أقل القليل من رعاية الأمومة الأساسية، لكنهن الأكثر عرضة لمشكلات صحية أثناء الحمل.

وعلقت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة ناتاليا كانيم، قائلة: "من غير المقبول استمرار موت الكثير من النساء بلا داعٍ أثناء الحمل والولادة. إن وقوع أكثر من 280,000 حالة وفاة في عام واحد أمر غير معقول. ويمكننا ويجب علينا القيام بعمل أفضل من خلال الاستثمار بشكل عاجل في تنظيم الأسرة وسد النقص العالمي في القابلات البالغ 900,000 قابلة حتى تتمكن كل امرأة من الحصول على الرعاية المنقذة للحياة التي تحتاجها. تتوفر لدينا الأدوات والمعرفة والموارد لإنهاء وفيات الأمومة التي يمكن الوقاية منها؛ ما نحتاجه الآن هو الإرادة السياسية. "

ربما تكون جائحة كوفيد-19 قد أعاقت إحراز المزيد من التقدم في صحة الأمهات. ونظراً لأن سلسلة البيانات الحالية تنتهي في عام 2020، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لإظهار الآثار الحقيقية للجائحة على وفيات الأمومة. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي عدوى كوفيد-19 إلى زيادة المخاطر أثناء الحمل، لذلك يجب على البلدان اتخاذ إجراءات لضمان حصول النساء الحوامل والنساء اللاتي يخططن للحمل على لقاحات كوفيد-19 وعلى رعاية فعالة قبل الولادة.

وأوضح السيد جون ويلموث، مدير شعبة السكان في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، قائلاً: "يظل الحد من وفيات الأمومة واحداً من التحديات الصحية العالمية الأكثر إلحاحاً. ويتطلب إنهاء وفيات الأمومة التي يمكن الوقاية منها وتوفير الوصول الشامل إلى رعاية صحية جيدة للأمهات بذل جهود وطنية ودولية مستدامة والتزامات ثابتة، لا سيما بالنسبة للفئات السكانية الأكثر استضعافاً. ومن مسؤوليتنا الجماعية ضمان بقاء كل أم، في كل مكان، على قيد الحياة أثناء الولادة، حتى تتمكن هي وأطفالها من تحقيق النجاح."

كما يكشف التقرير عن أنه يجب على العالم تسريع التقدم إلى حد كبير لتحقيق الأهداف العالمية للحد من وفيات الأمومة، وإلا فإن حياة أكثر من مليون امرأة ستكون في خطر بحلول عام 2030.

اقرأ أيضا: «اليونيسف»:8 ملايين طفل في خطر جراء زلزال تركيا وسوريا

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة